بير ودالسوق الفصل الثانى

الفصل الثانى

أعتاد الأستاذ عبد الرحيم على تحمل لسعات البرد القارص فى صباح الشتاء وهو يتجه بخطوات نشيطة نحو مدرسة القرية المختلطة بينما تتلاعب أنامله المرتجفة بمفاتيح المكاتب باستمرار في محاولة منه لإخفاء تلك الرجفة ؛ كان كالمعتاد أول ما يصل إلي بوابة المدرسة يلقى بالتحية لحاجة (فاطمة) التي تبيع بعض الحلويات والسندوتشات أو(الحشوات) للطلاب في فترات الصباح وكالمعتاد يلقى عليها بعض التوجيهات المتكررة بالتنحي قليلاً من البوابة أو تنبيهها لتغطيه (حلة) الفول من الذباب أو غيرها بينما تتابع الحاجة (فاطمة) سلامها وهى تنفذ التعليمات أو التوجيهات في محاوله منها لتغيير الموضوع0
كان الجو فى المدرسة يشعر ببعض الكآبة والملل فالامتحانات والاختبارات المتواصلة لم تترك مساحة لأي شعور آخر ؛ إضافة إلى الجو الشتوي البارد الذي تصاحبه الأتربة والغبار فى فترة النهار0 وكان الجلد بالخرطوش الاسود اللامع هاجساً آخر يؤرق ذهن التلاميذ ففي المدرسة ليست هنالك فرصة للخطاء او الغياب بدون إذن من الأساتذة؛ ولكن رغم ذلك فالتلاميذ او بعضهم يعرفون ان هذا لمصلحتهم وإن كان طلاب (الكنبة الأخيرة) يرون عكس ذلك0بينما تتهيب الفتيات او التلميذات بالمدرسة الجلد بعد تبليل ايدهن بمياه (الزير) الباردة0
ويدخل (عباس وداللمين) الموظف بالسكة حديد على الأستاذ عبد الرحيم مدير المدرسة في مكتبه المتواضع وخلفه احمد (ودالحسين) مطاطاً رأسه في خجل ممزوج بالخوف0
بعد سلام وذكريات سيئة وكئيبة (وونسة) فارغة يحكى (عباس) سبب زيارته المعروف للمدرسة وهو عودة احمد ابن اخيه للمدرسة ويحاول الأستاذ ان يهول من الأمر ويصعب الموضوع بينما يعده(عباس) بعدم تكرار (احمد) لهذه(الغلطة ) مرة أخرى وينتهي الحوار المطول بالعبارة العنيفة التي تشعر التلاميذ بالقشعريرة )يا أستاذ ليكم العضم ولينا اللحم) وهى تعنى التفويض الكامل للأستاذ فى مسألة عقاب التلميذ لأي سبب وبأي وسيلة 0
ويأتي صوت جرس(طابور) الصبح مصحوبا بدقات قلب احمد العنيفة وضجة هواجس التلاميذ والكل يتوجس خيفة من(الرافعة) وهى طريقة الجلد المعروفة حيث يحمل فيها المجلود من أطرافه بواسطة أربعة من التلاميذ الكبار بينما ينهال عليه الأستاذ بالضرب على مؤخرته تاركاً آلاماً شنيعة تستمر لأيامٍ طوال0
تحمل احمد رغم ذلك الخوف هذا العقاب بصبر ورباطة جأش رغماً عن ضحك بعض التلاميذ لسخرية الأستاذ اللاذعة فقد كان عزاؤه الوحيد وجود((بدرية)) بين تلميذات المدرسة المختلطة وكان لابد أن يثبت ( رجالته) أمامها وربما هي الآن فخورة في نفسها به فيزداد صلابةً والصوت ينهش من جسمه النحيل 00 بينما هي تنظر إليه من الصف الأخير في أسى وحزن لم تخفه عيناه البريئتين


نواصل

تعليق
((هذه الرواية خياليه مأخوذة من واقع (بشاقراوى) سابق أتمنى أن تنال إعجابكم وان وأرجو أن لا تبخلوا بتعليقاتكم وآرائكم ولكم جزيل الشكر
الفاتح